السبت 12 أكتوبر 2024 م - 8 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

رسول مبارك المولد ومقدس الميلاد «2»

الأربعاء - 18 سبتمبر 2024 04:45 م
10

أحبابنا الكرام.. توقفنا في المرة الماضية عند الحديث عن مكان مولده (صلى الله عليه وسلم) وأنه لم يحدد مكانه بالضبط، وأخذنا معكم ـ إخواني القراء ـ نفند أهم الأسباب التي من أجلها لم يسجل مكان المولد الشريف ضبطًا، وأكمل حديثي فأقول: إن مولده الشريف (صلى الله عليه وسلم) كان قد وقع في زمن كان الناس فيه أهل جاهلية، وليس هناك من الناس من كان يعتني بحفظ الأماكن أو الدور، لاسيما مع عدم وجود غرض لهم بذلك، وما كان يسجل أو يحفظ لديهم ما موافقًا لحدثٍ معين، أو لظاهرةٍ محددة، وكانت تلك الظاهرة أو ذلك الحدث قد ارتبط بالشخص أو بشيء مرتبط به، ولما جاء الإسلام لم يذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موضع ولادته محددًا المكان، وحتى صحابته والتابعين من بعدهم لم يهتموا بالأماكن إلا بالتي تتعلق بها أعمال شرعية كماسك الحج.. وغيرها، ولو علموا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه اهتم بمكان ولادته لفعلوا ولبحثوا عنه ولحافظوا عليه، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه لم يعظموا إلا ما عظمه الله، ولكن ما يميل إليه القلب وتصدقه الروايات أن البيت الذي ولد فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان قريبًا جدًّا من الكعبة المشرفة، فقد روى يزيد بن عبد الله بن وهب عن عمته:(أن آمنة لما وضعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسلت إلى عبد المطلب، فجاءه البشر وهو جالس في الحجْر، فأخبرته بكل ما رأت وما قيل لها وما أُمرت به فأخذه عبد المطلب فأدخله الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه وروي أنه قال يومئذٍ: الحمد لله الذي أعطاني.. هذا الغلام الطيب الأركان.. قد ساد في المهد على الغلمان.. أعيذه بالله ذي الأركان.. حتى أراه بالغ البنيان.. أعيذه من شر ذي شنآن.. من حاسد مضطرب العيان)، وفي حديث العباس بن عبد المطلب أنه قال:(يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك. قال: قل لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول: من قبلها طِبْتَ في الظّلال وفي ... مستودعٍ حيث يُخصف الورق) (صفوة الصفوة 1/ 22)، وحدد صاحب (إمتاع الأسماع 1/ 6):(اسم الدار الذي ولد فيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ولد محمد ـ صلّى اللَّه عليه وسلّم ـ بمكة في دار عرفت بدار ابن يوسف، من شعب بني هاشم، وتركوا عليه جفنة كبيرة فانفلقت عنه فلقتين، فكان ذلك من مبادئ أمارات النبوة في نفسه الكريمة، ويقال ولد مختونًا، مسرورًا مقبوضة أصابع يده، مشيرًا بالسبابة كالمسبح بها، فأعجب ذلك جده عبد المطلب وقال: ليكون لابني هذا شأن، أوقال: ليكونّن لابني هذا شأن من شأن، فكان له شأن)، وقد تحققت هذه البشرى في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصبح سيد ولد آدم أجمعين، ففي الحديث (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ، مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلا لَهُ دَعْوَةٌ تَنَجَّزَهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَلا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ، وَلا فَخْرَ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي) (مسند أحمد، ط: الرسالة 4/ 427).

ولو تأملنا زمان ولادته ـ صلوات ربي وسلامه عليه، (فالأكثرون على أن سنة ولادته - صلى الله عليه وسلم - كانت في عام الفيل، وهو قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ واختلفوا في الشهر الذي ولد فيه - صلى الله عليه وسلم ـ فقيل: في شهر صفر، وقيل: في ربيع الأول، اختلفوا في يوم ولادته - صلى الله عليه وسلم ـ فقيل: غير معين، وقيل: يوم الاثنين، والجمهور على هذا) (حقائق حول المولد النبوي، ص: 2وما بعدها)، فيوم الإثنين راجح برأي جمهور المؤرخين، ويؤيد ذلك ما رواه (مسلم في صحيحه):(عن أبي قتادة أن أعرابيا قال: يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه).

محمود عدلي الشريف

 [email protected]