الجمعة 20 سبتمبر 2024 م - 16 ربيع الأول 1446 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة : الهيدروجين الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة

أضواء كاشفة : الهيدروجين الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة
الثلاثاء - 10 سبتمبر 2024 04:26 م

ناصر بن سالم اليحمدي

30

مع ظهور الثَّوْرة الصناعيَّة، سواء الأولى أو الثَّانية واختراع الكثير والكثير من الآلات بشكلٍ جنوني ومتسارع والَّتي اعتمد عَلَيْها الإنسان كُليًّا في تطبيقاته الحياتيَّة لم يخطرْ على بالِه أنَّ هذه الآلات ستؤدِّي في يومٍ من الأيَّام إلى نهاية الكون والإنسانيَّة؛ لأنَّها بِدَوْرها اعتمدت على الوقود الأحفوري في إنتاج الطَّاقة لتشغيلِها بما أحدَثه من تأثير سيئ على البيئة فأدَّى لتفاقُمِ مُشْكلة المناخ، وبروز ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، وتزايد معدَّل الكوارث الطبيعيَّة المُدمَّرة الَّتي تقضي أوَّلًا بأوَّل على إنجازاته الشَّاهقة. لذلك لم يجدِ الإنسان بُدًّا سوى البحث عن مصادرَ بديلة نظيفة لا تؤذي الطَّبيعة وتُخفِّف من الآثار المُدمِّرة للبيئة وتُقلِّل انبعاث الكربون قدر الإمكان، وفي ذات الوقت تستطيع إنتاج الكهرباء والطَّاقة اللازمة لتشغيلِ آلاته، خصوصًا أنَّ الاستخدام الجائر للوقود الأحفوري جعلَه على حافَّة النضوب.. وقد توَجَّهت الدوَل في السَّنوات الأخيرة لِتبنِّي تشجيع الاستثمار في مجال الطَّاقة النَّظيفة، خصوصًا إنتاج الهيدروجين الأخضر.. وكانت وما زالت بلادنا في مقدِّمة الدوَل الَّتي تهتمُّ بهذا الموضوع الَّذي يحظى برعايةٍ سامية خاصَّة من لدُن مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي أصدرَ أوامره لتعزيزِ فرص الاستثمار في هذا المجال، والعمل على الاستفادة من مُقوِّمات البلاد؛ لإنتاج الطَّاقة المُتجدِّدة، وتنمية هذا القِطاع المُهمِّ حتَّى تكُونَ سلطنة عُمان مركزًا عالَميًّا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإنتاجِ مليون طن سنويًّا مِنْه بحلول عام 2030 و(8) ملايين طن سنويًّا بحلول عام 2050 ووصول مساهمة الطَّاقة المُتجدِّدة في توليد الكهرباء بالسَّلطنة إلى (30%) خلال العام2030 مع الوصولِ للحيادِ الكربوني بحلول عام 2050.. كما أمرَ بتحديد (50) ألفَ كم في محافظتَي الوسطى وظفار لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر و(15) ألفًا في المحافظات الأخرى لمشاريع الطَّاقة النَّظيفة.. كُلُّ ذلك وأكثر ممَّا يعكس اهتمام جلالته بقِطاع الطَّاقة النَّظيفة واستقطاب المستثمِرِين بما يصبُّ في النِّهاية في تحقيقِ أهداف الرُّؤية المستقبليَّة الطموحة عُمان 2040.

ومؤخرًا حلَّتْ سلطنة عُمان كضيفِ شرفٍ فـي أعمال الدَّوْرة الثَّالثة لـ»منتدى المُجتمع الأخضر» الَّتي أقيمت بعنوان «الاقتصاد الأخضر.. الخطوات القادمة» بالقاهرة عاصمة جمهوريَّة مصر العربيَّة.. والَّتي تمَّ التَّركيز فيها على التَّطوُّرات في مجال الاقتصاد الأخضر والطَّاقة المُتجدِّدة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والطَّاقة الكهرومائيَّة، وتحديث الصِّناعة.. وغير ذلك من الفعاليَّات الَّتي خرجت بتوصيات لتعزيزِ الطَّاقة النَّظيفة.

والكلمة الَّتي ألقاها سعادة السَّفير عبدالله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان لدى جمهوريَّة مصر العربيَّة ومندوبها الدَّائم لدى جامعة الدوَل العربيَّة خلال أعمال المنتدى جسَّدت مدى الجهود الكبيرة الَّتي تبذلها السَّلطنة من أجْلِ تنمية الاستثمار في القِطاعات الخضراء والَّتي تُعَدُّ هدفًا من أهداف الرُّؤية المستقبليَّة «عُمان 2040» للوصولِ للاستدامة البيئيَّة، حيث أشار سعادته إلى أنَّ بلادنا والحمد لله بفضلِ الجهود المخلِصة والعقليَّة المستنيرة نجحت في إنتاج (364) ألفَ جيجاواط من الطَّاقة المُتجدِّدة حتَّى نهاية الرُّبع الأوَّل من العام الجاري من خلال التَّركيز على الطَّاقة الشمسيَّة وطاقة الرِّياح.. ثمَّ عدد المشاريع الخاصَّة بالطَّاقة النَّظيفة والتَّسهيلات الَّتي تُقدِّمها الدَّولة للمستثمِرِين والَّتي تشجِّعهم على اقتحام هذا المجال المُهمِّ في بلادنا، فهي تمتلك كافَّة المُقوِّمات الَّتي تجعلها رائدة في مجال الطَّاقة النَّظيفة.

لا شكَّ أنَّ الاهتمام بقِطاع الهيدروجين الأخضر أحَد أقوى الجهود الَّتي اتَّخذتها الحكومة للحدِّ من انبعاثات الكربون، والاهتمام بالبيئة وصون الطبيعة ومواكبة الجهود العالَميَّة في هذا الشَّأن.. فالحفاظ على الموارد الطبيعيَّة والتَّقليل من التَّلوُّث البيئي، وبالتَّالي الاحتباس الحراري يُعيد الحياة لطبيعتها المسالمة، وهو ما يؤدِّي في النِّهاية لتحقيقِ التَّنمية المستدامة والوصول للتقدُّم المنشود.. ونحمد الله أن أنعمَ على السَّلطنة بموقعٍ استراتيجي تتوافر من خلاله موارد الطَّاقة المُتجدِّدة الدَّائمة مِثل الطَّاقة الشمسيَّة وطاقة الرِّياح والَّتي سيتمُّ استغلالهما لإنتاج الهيدروجين الأخضر الَّذي يُعَدُّ أحَد مصادر الطَّاقة المستقبليَّة.

إنَّ بلادَنا الحبيبة تُسابق الزَّمن؛ كَيْ تصلَ لأهدافها المنشودة في تحقيق التَّقدُّم والتَّطوُّر والنَّهضة.. وفَّق الله قائدَنا الحكيم وحكومته الرَّشيدة لتحقيقِ الخير للبلاد والعباد.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني