الاثنين 09 سبتمبر 2024 م - 5 ربيع الأول 1446 هـ
أخبار عاجلة

نماذج للتفكر

الأربعاء - 04 سبتمبر 2024 05:26 م

يقول الحكيم عز وجل: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الذاريات ـ 21)، ويقول:(أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد 8 ـ 10)، ويقول:(َلقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين ـ 4)، تدل هذه الآيات الكريمة على إتقان الحكيم في خلقه للإنسان، وهي أشياء كثيرة غير منتهية العناية، أعطاني إياها الرب سبحانه وتعالى في كل ما أحتاج، ثم هداني إليها، مثل:

ـ العينان: بعين واحدة ترى البُعد والطول، وبالعينين ترى البُعد الثالث، وفي شبكة العين 130 مليون عصية ومخروط في كل مليمتر منها، ويعني ذلك: أنّه يوجد مليون مستقبل ضوئي في كل مليمتر يميز (8) ملايين لون، كما جعل الرب تعالى في ماء العين مادة مضادة للتجمد، لا تتجمد بانخفاض درجة الحرارة.

ـ الشعر: لكل شعرة غدّة دهنية وغدّة صبغية، ووريد وشريان وعضلة وعصب.

ـ الدماغ: جعل الرب تبارك وتعالى في الدماغ (140) مليار خلية استنادية سمراء لم تعرف وظائفها إلى الآن.

ـ العظام: تتوقف عن النمو في الوقت المناسب من اكتمال النمو، وتسمى الخلايا بهذا الحال الخلايا النائمة، فإذا أصيب بكسر ولو بعد سبعين سنة تستيقظ تلك الخلايا من نومها فتنمو لتجبر الكسر.

ـ القلب: في القلب مولدان كهربائيان متوقفان عن العمل مع المولد الرئيس للقلب، هما في حالة تأهب احتياطي إذا توقف المولد الرئيس عن تحريك القلب. وفي القلب شريان لا يعرف عمله، ولكن إن تلف أحد شرايين القلب يستخدم هذا الشريان كقطع غيار بدله.

ـ الخلايا: نتيجة حركة الإنسان تموت قرابة (10) ملايين خلية في اليوم، ولكنها تعوض بنفس العدد، فمن يقوم بذلك إلا الرب ـ جلَّ جلاله ـ كما أن مادة الكروموسوم في الخلية الواحدة إن شرحت لاحتاجت إلى عدد أوراق تغطي الكرة الأرضية، ويحتاج ذلك إلى عشرات السنوات بتعاقب أجيال عليه.

إنّ ذلك مجرد أمثلة وهي تدل على سعة عظيم خلق الله تبارك وتعالى في خلقه وهي ما يفعل في أذهاننا الحكمة من الحكيم ويقربنا منه زلفى ـ جلَّ جلاله.

عناية الرب بالجنين: أثناء النشأة التي يمر بها الإنسان كمراحل الأولى في تكوينه وهو في بطن أمه احتاج إلى فائق العناية الربانية، تلك العناية جعلته ينتقل في بناء جسدي من خلق إلى خلق مخالف، من مجرد نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى اكتمال جسده، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون 12 ـ 14)، وإليك بعضا من العناية الربانية:

(أ) مرحلة قبل الولادة: المشيمة: هي قرص لحمي ينزل مع الجنين يربط بين دم الأم ودم الجنين وبينهما غشاء يسمى غشاء العاقل يعمل على منع اختلاط دم الأم بدم الجنين، لأن الاختلاط يؤدي إلى موتهما، ويعمل الغشاء العاقل على تزويد الجنين بكل ما يحتاج من دم الأم من أكسجين والسكر والأنسولين، والبروتين والحديد والشحوم والمعادن وأشباه المعادن، يزوده بمقدار ما يحتاجه الجنين، كما يأخذ الغشاء العاقل ثاني أكسيد الكربون من دم الجنين ليضعه في دم الأم، فتنفس الجنين هو جزء من تنفس الأم، ويقوم الغشاء العاقل بمنع أمراض الأم من الانتقال إلى الجنين، وإن احتاج الجنين إلى شيء ليس موجودًا في دم الأم جعل منها تشتهي أكلة تحتوي على تلك المادة وهوما يسمى بـ(الوحام)، فكل هذه المهام الدقيقة لو سلمت إلى مجموع أطباء مختصين لمات الجنين في ساعة واحدة، فإنما ذلك يدل على عناية الله بهذا الجنين عناية مباشرة منه.

(ب) مرحلة بعد الولادة (الحديد): ليس في حليب الأم حديد، لكن جعل الله في طحال الطفل كمية من الحديد تكفية لمدة سنتين حتى يبدأ يأكل فيجد الحديد في طعامه، و(منعكس المص): أودع الله في الطفل بما يعرف بمنعكس المص، فما إن تضع الأم ثديها على فم الرضيع يلتقمه ويحكم الغلق ويسحب الهواء فيأتيه الحليب.

(ج) مرحلة النمو والعيش (المتابعة): يسعى الأب إلى متابعة ولده، متى يذهب؟ ومتى يعود؟ وماذا يحتاج؟، ويراقب تصرفاته فيوجهه التوجيه الحسن وينهاه عن الوقوع فيما يضره، كما يتابع الطبيب مريضه بعد العملية، فإن نقص ضغطه أمر له بدواء الضغط، فإن زادت الحرارة أمر له بدواء تخفيضها، وهكذا أودع الله في الإنسان غددًا وأجهزة تعمل ليل نهار على تفعيل الموازنة داخل جسم الإنسان من شأنها تعدل درجة الحرارة والكمية السكر في الجسم وتوازن الضغط وغير ذلك من الأعمال، قال الرب في ذلك:(أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ) (الرعد ـ 33). كما شرع الله للإنسان شريعة تجعله يحفظ نفسه من إتلافها وسماها العلماء المقاصد الخمسة؛ وهي حفظ العقل وذلك بتحريم المسكرات، وحفظ الدم بتحريم القتل، وحفظ المال بتحريم السرقة، وحفظ العرض بتحريم الزنا والقذف، وحفظ الدين بتحريم الكفر، وكلها عناية ربانية إن أخذ بها الإنسان صار مهتديًا صالحًا تقيًّا استحق ثواب الله وحنانه ورحمته.

سامي السيابي

 كاتب عماني

(فريق ولاية بدبد الخيري)