الأحد 09 فبراير 2025 م - 10 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

جدارية الذكريات الملونة

جدارية الذكريات الملونة
الاثنين - 02 سبتمبر 2024 05:45 م

عمَّان ـ العُمانية: تنسج الكاتبة الأردنية هيا صالح أحداث روايتها «جدارية الذكريات الملوَّنة» بلغة هادئة، معاينةً قصصًا عميقة وصادقة يعيشها أبطال هذا العمل الذي تولّت الفنانة رنا حتاملة تصميم غلافَه وتحويل عدد من مشاهده في الصفحات إلى رسومات موحية.

تتناول الرواية الصادرة مؤخرًا عن «الآن ناشرون وموزعون» التحديات التي تواجه البشر في ظل نزوحهم بسبب الصراعات والحروب. ومنذ العتبة الأولى والعنوان، تدفع القارئَ إلى الاشتباك مع عالم يتأرجح بين الواقع والمتخيّل، ويظل السردُ ممسكًا بطرفَي الحبل، عبر تقنيات تقوم على التذكُّر والاسترجاعات الزمنية والاستباقات، لتصوّر حالة عامة يعيشها الأطفال بمُخيَّمات اللجوء في شتَّى بقاع العالم، مقتربةً من أصغر أحلامهم وأكبرها في آن.

يقول بطل الرواية الموجّهة للناشئة: «رسمتُ بيتًا.. رسمتُه بقلم الرصاص على كتبي المدرسية، وعلى أوراقي، وعلى قِطَع الكرتون التي جمعتُها من الطريق، وعلى عُلَب الكبريت والمعلَّبات الفارغة، وحفرتُه بمسمارٍ مدبَّب على عمود الحديد الداخلي للخيمة التي نعيش بها في مخيَّم اللّاجئين».

وجاء السرد في الرواية بضمير المتكلم، حيث يسرد الفتى «يحيى» كيف بدأ وعيُه الجديد بالتشكُّل في مُخيَّمٍ للّجوء بعد أن غادر بلاده رغمًا عنه، وخلال رحلة خروجه أصيب بمرضٍ أفقدَهُ ما حُفِظَ في ذاكرته من أحداث، لكنه استطاع امتلاك قدرة خاصة مكّنته من عبور ذكريات الآخرين، واستعارة ما فيها ليؤثّث بذلك ذاكرة جديدة تتلمّس بعضَ الماضي الذي فقده، وتبني عليه ما تأمله في المستقبل. وتتضح هذه الفكرة مما يقوله البطل في أحد المقاطع: «في ذلك المساء أطلتُ النظر في عينَي جدَّتي، في تلكما الفجوتين العميقتين اللتين ورثتُ لونهما الأزرق، ثم شعرتُ بهما تبتلعاني كما تفعل دوامةٌ في بحر. وهكذا وجدتُني أعبُر إلى ذكريات جدَّتي أوَّلًا، ثم اكتشفتُ أنني قادر على عبور ذكريات الآخرين أيضًا، وكان هذا سرِّي الكبير الذي لم أبُح به لأحد. لم يكن لدي تفسيرٌ لهذا السرّ، لكنّ ذلك لا يلغي حقيقة أنني امتلكتُ هذه القدرة».