الأربعاء 15 يناير 2025 م - 15 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

أركان الحكمة «3» إقامة فرائض الله «أ» الصلاة

الأربعاء - 14 أغسطس 2024 05:34 م
10


الركن الثالث هو أداء أركان الإسلام، وقد أشار الله تعالى عليها بالصلاة والزكاة، قال في سورة لقمان:(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ)، والصلاة شعيرة الإسلام الدائمة، وذكرها ذكر لباقي الأركان (الزكاة والصوم والحج) مع الشهادتين.

ولما كان الحكيم صادق في تطبيقاته كانت مزاولته لتلك الفرائض عميقة وذات أثر، وعليه ذكرت الصلاة مع إقامتها، وذكرت الزكاة مع إتيانها، وإتيان الزكاة لا يشوبه منًّا ولا أذى مع حفظ كرامة المستحق على أن ذلك المال هو مال الله أودعه ضمن مال الغني (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)، وإقامة الصلاة يكون مصحوبًا بالخشوع، وهو روح الصلاة، فبدونه تكون الصلاة ثقيلة، بينما يحلق الحكيم في إقامته للصلاة وكأنه يرى مراقبة الله له.

ـ أهمية الصلاة في الإسلام: النقاط الآتية تبين لك أهمية الصلاة في الإسلام ومدى عنايته بها: ذكرت الصلاة في القرآن الكريم كثيرًا، فجاءت بلفظ الصلاة (61) مرّة، وبلفظ صلّى (8) مرّات، وبلفظ صلاة (12) مرّة، وهذا يدل على أهميتها في الإسلام، وجعلت الصلاة من أركان الإسلام الخمسة، وهي أول ركن من أركان الإسلام. والصلاة أكثر الأركان ممارسة في الإسلام، إذ يؤديها المسلم خمس مرات في اليوم والليلة، بينما الزكاة والصوم مرة في السنة والحج مرة في العمر، وحددت الصلاة بعددها وأوقاتها في السماء بينما حددت باقي أركان الإسلام في الأرض، فالصلاة لها شأن أكبر، والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فهي مقدمة على جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته الدنيوية.

وللصلاة تأثير على المصلي نفسه، فينعكس ذلك تأثيرها في عقله ليقوي تركيزه وانتباهه، وينعكس على شخصيته فتكون شخصيته رزينة وجديرة بالاحترام، وتنعكس على سلوكه فتكون تصرفاته سليمة من العيوب وتحلية بالأخلاق ومهذبة من الأخطاء، وكل ذلك يصب في حقيقة المسلم، فالمسلم له صفات تميزه عن غيره فهو دائمًا يتحلى بالأفعال الحميدة ويتخلى عن الأفعال المشينة وهذا هو ما يسمى بالتقوى.

ويمكن تلخيص أهمية الصلاة في المصلي في هذه النقاط:(أ) ترك المعاصي: للصلاة قوة في داخل المصلي تلك القوة تمنعه عن الاقتراب من الأشياء التي تضره وتضرّ دينه وخلقه، يقول الله تعالى عن قوة الصلاة:(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت ـ 45)، (ب) فعل الخيرات: كما أن للصلاة قوة تمنعك عن فعل المعاصي فإن لها قوة تدفعك إلى فعل الخيرات، وحتى تمنعك الصلاة من الوقوع في المعاصي، وتدفعك إلى فعل الخيرات لا بدّ أن تؤديها أداءً صحيحا في وقتها مع الخشوع، وذلك معنى قوله تعالى:(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) في الآية السابقة، (ج) العبودية: تحقق الصلاة معنى العبودية في شخصية المسلم، فالمسلم خلق ليكون عبدًا لله وحده (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات ـ 56)، والعبودية تعني: الطاعة المطلقة والانقياد لأمر الله والخضوع لمنهجه والسير في سبيله، (د) الإكرام: ولما كانت العبودية لله وحده لا شريك له استحق المسلم العابد شرف التكريم وأسمى مظاهره من الله، ويكون منصب العبد في مصاف الذين اختارهم الله تعالى من الملائكة المكرمين:(بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ، لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء 26 ـ 27)، والأنبياء المصطفين الأخيار:(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ، وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) (ص 45 ـ 47)، (هـ) الحماية: الصلاة تحمي العبد المسلم من الشيطان وكيده الذي يعصف بالإنسان إلى الغواية، قال الله تعالى مخاطبًا الشيطان:(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الحجر ـ 42)، (و) الفوز بالجنة: إن أداء الصلاة بشكل دائم والمحافظة عليها هو من أسباب دخول الجنّة، قال الله تعالى واصفًا عباده المصلين:(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (المؤمنون 1 ـ 3)، ثم ذكر جزاءهم:(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (المؤمنون 10 ـ 11)، (ز) الصحة: أثبتت البحوثات العلمية أنّ المصلين ينعمون بالصحة أكثر من غيرهم، (ح) الذكاء: أثبتت العلم أنّ المتوضئ لصلاة الفجر والذاهب إلى المسجد مشيا في الصباح الباكر ينال حضًّا من الذكاء وسعة في الحفظ، وهذا ما يوصي به اليابانيون طلابهم عند الصباح.

ـ عقوبة تضييع الصلاة: نظرا لأهمية الصلاة في الإسلام كما درسنا فيما تقدم فإن عقوبة تركها أو السهو عنها تكون كبيرة؛ لأن العقوبة تكون على حجم المعصية، ومعصية تضييع الصلاة عظيمة، فقد توعد الله تعالى اللاهين او الساهين عن الصلاة الذين لا يقيمونها على وجهها بالويل وهو العذاب الشديد فقال:(فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون 4 ـ 5)، وكذلك ذم الله تعالى المضيعين لصلاتهم فتركوا الصلاة كلها، أو فوتوا وقتها، أو تركوا أركانها وواجباتها، واتبعوا ما يوافق شهواتهم ويلائمها، فسوف يلقون شرًا وضلالا وخيبة في جهنم، قال الله تعالى:(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (مريم ـ 59).

سامي السيابي

 كاتب عماني

(فريق ولاية بدبد الخيري)