الخميس 12 يونيو 2025 م - 16 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

مدينة القديس أوغسطين رواية فلسفية من الخيال العلمي

مدينة القديس أوغسطين رواية فلسفية من الخيال العلمي
الثلاثاء - 06 أغسطس 2024 06:49 م
130

للروائي الجزائري فيصل الأحمر


دمشق ـ من وحيد تاجا:

صدر حديثا عن دار المدى في بغداد رواية جديدة للروائي والناقد الجزائري فيصل الأحمر بعنوان (مدينة القديس اوغسطين) .. وتحكي الرواية قصة حبيبين يعبران قرناً كاملاً بحثاً عن عالم أجمل، فيسقطان في عالم مختلف تماما (مثلما حدث لأهل الكهف).. وتحاول الرواية أن تصور وتختزل وتناقش كثيراً من تجارب الانسانيه التي وصلت اليها والتي ترسبت في وقتنا فورثناها تحت التسمية الغامضة والمريبة: (مشروع ما بعد الإنسانية).

وحول روايته يقول الروائي فيصل الأحمر: هي رواية فلسفية من الخيال العلمي تختزل بشكل مثير مجموعة من المشاريع الأدبية والفلسفية الفكرية والجمالية التي درجنا عليها في ميادين متنوعة مثل السينما والأدب والجدل الفكري والتعليق السياسي وما شاكل ذلك.

(الطيب) و(أهداب) هما حبيبان ضحيا بزمنهما من أجل انتظار التحول التاريخي الذي يحمل دوما الحلم بعالم أفضل، عالم يحمل لأحدهما الشفاء من مرض ميؤوس منه وللثاني العتق من السجن لأسباب سياسية، ولكنهما ينامان ليستيقظا بعد 100 سنة من التنويم الطبي في عالم مختلف، يجدان صعوبة في دخول هذ العالم الذي يستقبلهما في القرن21 وهو يوتوبيا حديثه تخلصت من كل المشاكل التي أججت حروب القرن 20: الجوع والفقر وسوء التسيير الاقتصادي، وكذا ضبط العلاقات بين الدول، والصراع المستمر على مصادر الثروة الأسواق والغذاء والمياه، ومشاكل عديدة أخرى كرغبة الإنسان في التحكم في الغير وبسط يد الهيمنة على الأرض والبشر.

هو عالم مستقبلي حلَّ كل هذه المشاكل فعلا، ولكنه عالم وقع في مشاكل أكبر، على رأسها فقدان الرغبة في الاستمرار في الحياة وكذلك فقدان الهدف من الحياة التي صار يسيرها الذكاء الاصطناعي عبر نظام معقد ومهيمن حد العرب رغم الظاهر اليوطوبي ، عالم سجل ابتعادا كبيرا عن الخامة الإنسانية كما عرفتها الإنسانية منذ نشأتها حتى القرن 21، أي منذ نشأتها حتى مرحلة ظهور مشروع ما بعد الإنسانية.

وحول علاقة اليوتوبيا بالمشاعر والحب أضاف (الأحمر) : اليوتوبيا الحديثة التي تستقبل الحبيبين في العالم الجديد لا تؤمن بالحب، وتخشى العاطفة، وتفضل أن يقودها الذكاء الاصطناعي على أن يقودها الذكاء البشري ، يوتوبيا فيها مشاكل ولكنها أيضا لا تحمل حلولا للمشاكل التي تأتي من خارجها ، يوتوبيا لا تنظر إلى نفسها في المرآة، فلا تفهم جيدا كل ما يملأ أرشيف الذاكرة مما كان يحدث في التاريخ.

سوف نستيقظ مع الحبيبين على عالم مستقبلي عرف حربين كبريين في القرن الحادي والعشرين هما الحرب البيولوجيه وحرب الأرشيف، واللتين سنجد في أعقابهما أناسا بلا ذاكره تتحكم فيهم برامج الذكاء الاصطناعي، تتحكم في ما يقولونه وما يفكرون فيه وربما في ما يحلمون به أيضا.

المفاجأة الكبرى لهذه الحبيبين هي أن البرامج هي التي ايقظت البطلة اهداب على اعتبار انها الشخصية الأكثر جدارة لتعليم المستقبل الحب (حسب مجموعه من الحسابات المعقدة)، وهي الأكثر أهلية لكي تحل اشكاليه الحب في هذا العالم الجديد الذي نسي معنى الحب.

وماذا عن الآخرين ؟

في غضون الحكايا الكثيرة والأحداث الغريبة المتواشجة سوف نجد كثيراً من الوجوه التاريخية قديمها وحديثها ممن عرفوا بشده التضحية بالنفس وقوة تجلي المحبة أو حتى ممن عرفوا بالقسوة والوحشية ، كل هؤلاء يأتون على شكل أطياف بشرية، و برامج متقدمة، لكي تحاورهم البطلة محاولة وضع اليد على المنعرجات ونقاط التحول التي خلقت داخلهم الملائكة او الشياطين، والتي حولتهم فيما بعد إلى شخصيات تاريخية ترمز إلى الحب الاكبر أو إلى ما يناقضه.

وأين يبرز دور القديس أوغسطين ؟

الحكاية المستقبلية يخترقها أيضا كتاب ارعن عابر للتاريخ جاء به البطل الطيب من مرحله ما قبل تنويمه، كتاب كان يعمل عليه كمشروع جامعي ثم تحول إلى بحث ثقافي فكري ولكنه لأسباب مجهولة لم يتم أبدا... كتاب يبحث في نظريه الحب العابرة للديانات الثلاث من خلال الكثير من الأقوال ومن حضور المتقولين في الحب، على تعدد الثقافات والديانات والمراحل التاريخية ، هي رواية فيها كثير من الأحلام التي ينتقل من خلالها الأبطال لأسباب عديدة من بعد الى بعد، ومن مرحله في التاريخ إلى أخرى، ومن برمجة إلى برمجة أخرى. وعن الأسئلة الكثيرة التي تحفل بها الرواية يقول الروائي الأحمر: الأسئلة المترسبة التي تعبر خيط الحكايات الذهبي هي هذا: ماذا لو أن العالم الذي نعيشه كله مجرده حلم لجثة موضوعة داخل كبسولة تسبح في لافضاء الخارجي؟

وماذا لو ان الذين هم داخل ذلك الحلم يتحكمون في العالم الذي هو خارج الحلم؟

ثم ماذا لو أن أحدهم قد وجد الطريقة المثلى لكي يخرج ويعبر الجدران الفاصله بين الحلم والحقيقة الواقعية؟

وماذا لو ان اكتشافنا لحقيقة هذا العالم الجميل تحيلنا مباشرة على الجحيم؟ أو يكون هذا العالم الذي يتحكم فيه الذكاء الاصطناعي رافضا للحلول وكل شيء بالنسبة له مجرد خوارزميات قابلة للتغيير والمحو والتعويض بغيرها؟