أكدت السبق العماني في مجال سك النقود
كتب ـ خالد بن خليفة السيابي :
اختتم النادي الثقافي موسمه الثقافي الحالي امس بندوة حملت عنوان (النقود العمانية ودلالاتها الحضارية) والتي ركزت على ستة محاور أساسية أولها؛ النقود المتداولة في عُمان قبل العهد الإسلامي، والمحور الثاني أهمية النقود الإسلامية والدراسات المتعلقة بها، وتناول المحور الثالث كنوز المسكوكات الإسلامية، بينما تناول المحور الرابع ذكر النقود في المصادر العُمانية، أما المحور الخامس فتناول النقود الأوروبية المتداولة في عُمان، فيما تناول المحور السادس والأخير تاريخ الأوراق النقدية العُمانية والعلامات الأمنية عليها.
الندوة بدأت بكلمة افتتاحية ألقاها محمد بن عبيد المسكري عضو مجلس إدارة النادي الثقافي، كما ألقى الباحث إبراهيم بن أحمد الفضلي كلمة المنظمين، وانطلقت الندوة في محورها الأول بعنوان (تاريخ النقود الإسلامية في عمان) وترأست الجلسة الأولى الدكتورة بدرية النبهانية، حيث القى الدكتور عاطف منصور أستاذ المسكوكات والآثار الإسلامية وعميد كلية الآثار بجامعة الفيوم وقال فيها (تميزت عُمان والتي تشتمل حالياً على ما يسمى بشبه الجزيرة العُمانية (سلطنة عُمان ودولة الامارات العربية المتحدة) بموقعها الجغرافي البعيد نسبياً عن عاصمتي الدولة الاموية والعباسية دمشق وبغداد، وكذلك يسجل التاريخ أن أول دار إسلامية لسك النقود في شبه الجزيرة العربية كانت في عُمان وتعود لسنة 81هـ الموافق700م وذلك حتى وقت قريب جداً، فقد ظهر حديثاً أقدم درهم ضرب عُمان والمؤرخ بسنة 80هـ الموافق 699م، وهو أول وأقدم قطعة نقدية تحمل إسم عُمان وترجع لعهد الخليفة عبد الملك بن مروان، وهو ما يعد سبقاً هاماً لعُمان في مجال المسكوكات)، وتعاقبت على حكم عُمان العديد من الأسر والدول التي فرضت سيطرتها على عُمان وسكت نقوداً بها كالدولة الاموية والعباسية والأسر العُمانية كبنو سامة وبنو وجيه وبنو مكرم وكذلك الدويلات الاسلامية كالصفاريين والبويهيين والقرامطة والسلاجقة، تناوبت هذه الدول على حكم عُمان وأكدت النقود التي ضربتها على السيادة وفرض السيطرة على عُمان.
الورقة الثانية بعنوان (كنز الوقبة (صدامة) في سلطنة عُمان) والتي قدمتها الدكتورة جنان خضير منصور من العراق، فيما قدم الورقة الثالثة التي حملت عنوان (قراءة عامة في الفلوس النحاسية المحفوظة بمتحف بيت قرش) الباحث جمال الكندي من السلطنة، بينما قدم الدكتور أسامة مختار من مصر الورقة الرابعة بعنوان (المأثورات ودلالاتها على الدراهم الفضية لأئمة عُمان الإباضية في القرن الخامس الهجري).
هدفت الورقة إلى إلقاء الضوء على المأثورات المسجلة على الدراهم الفضية لأئمة عمان الإباضية في القرن الخامس هجرية / الحادي عشر ميلاية، وذلك في إطار الربط بين هذه المأثورات والتاريخ السياسي والمذهبي لأئمة عمان الأباضية.
وفي الجلسة الثانية التي ادارها الباحث عماد البحراني، قدم الدكتور أحمد محمد دسوقي من مصر ورقته الأولى بعنوان (النقود الأوروبية المتداولة في عُمان ق 10 -13هـ/ 16-19م) واهتم في بحثه بدراسة وتحليل النقود الأوروبية من حيث الشكل والمضمون والزخارف، وتوضيح أنواعها المختلفة التي تم تداولها في عُمان، وإلقاء الضوء علي التداول النقدي لهذه النقود في عُمان، وإبراز أثر هذه النقود في العلاقات التجارية بين عُمان والدول الأوروبية، وهو ما انعكس علي الأحداث السياسية والإقتصادية والاجتماعية المختلفة التي مرت بها عُمان خلال تلك الفترة، فضلاً عن نشر ودراسة مجموعة جديدة من هذه النقود.
أما الورقة الثانية والتي حملت عنوان (الأوراق النقدية .. ظهورها وتطورها في سلطنة عُمان) وقدمها إبراهيم الفضلي أمين متحف النقود بالبنك المركزي العُماني فقال إن الأوراق النقدية في عُمان مرت بأربع مراحل رئيسية أولها مرحلة ما قبل النهضة المباركة من خلال انتشار الروبيات الهندية بفئاتها الورقية والمعدنية بحكم سيطرة بريطانيا على الهند جنبًا إلى جنب مع الريال النمساوي (دولار ماريا تريزا) وريالات نقد قطر ودبي، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة سلطة نقد مسقط وهي مرحلة اصدار العملة الوطنية التي توجت بصدور مرسوم النقد في إبريل 1970م، وإصدار مجموعة من الأوراق النقدية في 7 مايو 1970م تحمل اسم حكومة مسقط وعُمان، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة مجلس النقد العُماني تلتها المرحلة الأخيرة وهي مرحلة البنك المركزي العُماني، ولأن مكانة الدول الحديثة اقتصاديًا من مكانة نقودها وخاصة الورقية منها والتي تمثل وجهها الحضاري، جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على الجذور التاريخية لنشأة النقود الورقية العُمانية ومراحل تطورها، ومن ثم استخدامها في عُمان والمراحل التي مرت بها حتى العام 2019م.
في حين قدم سيف البوسعيدي نائب مدير دائرة إدارة النقد بالبنك المركزي العُماني الورقة الثالثة بعنوان (السمات الأمنية على إصدارات النقد العُماني) فقال : تسعى الدول إلى تأمين أوراقها النقدية وذلك من خلال وضع مجموعة من وسائل الحماية بهدف منع تزويرها أو تزييفها، وتكون بمثابة علامات تميزها عن الأوراق النقدية المزيفة، تتعدد هذه الوسائل، ولكن أهمها العلامة المائية، والخيط الأمني، والطباعة البارزة، والشريط المعدني، ويمكن لعامة الناس من خلالها تمييز العملات الحقيقية من المزورة، كما أن هذه الوسائل يصعب على المزورين تقليدها، لارتفاع تكلفتها، ولكونها تضاف خلال مراحل تصنيع الورقة النقدية، وليست في مرحلة الطباعة، الأمر الذي يجعل عملية تقليدها غير مجدية.
ولما تمثله الأوراق النقدية والعلامات الأمنية عليها من أهمية في تاريخ تطور النقد في الدول، جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على تاريخ طباعة الأوراق النقدية والعُمانية ومراحل تطور التصاميم والعلامات الأمنية على الأوراق النقدية العُمانية منذ الإصدار الأول عام 1970م وحتى آخر تعديل لورقة الخمسين ريال التي صدرت في يونيو 2019م.
وفي الجلسة والتي ترأسها إبراهيم الفضلي قدم ناصر السعدي الورقة الأولى بعنوان (العملات النقدية من خلال نصوص النوازل الفقهية العُمانية) حيث حاول في ورقته تتبع بعض الإشارات والنصوص، التي حملت ذكراً للعملات النقدية التي تداولها أهل عمان قديماً، وجاء ذكرها في كتب النوازل الفقهية، والهدف من ذلك، بيان أهمية كتب الفقه في دراسة التاريخ، ولفت انتباه الباحثين والمهتمين بالتاريخ الاقتصادي ونحوها وأهميتها.
واختتمت الندوة اعمالها بالورقة الأخيرة التي قدمتها الدكتورة أحلام الجهورية من السلطنة بعنوان (أسعار السلع والبضائع في عُمان خلال القرون الإسلامية الأولى: رصد وتحليل) حيث هدفت في دراستها إلى تتبع أسعار السلع والبضائع في عُمان خلال القرون الهجرية الأولى. ورصد المصطلحات المتعلقة بالسلع والنقود، فعلى سبيل المثال: يطلق مصطلح البيضاء على الدراهم (العملة الفضية). ومصطلح الصفراء أُطلق على الدنانير (العملة الذهبية). وتعتمد الدراسة على قراءة تحليلية لما أوردته المصادر التاريخية والجغرافية والفقهية من معلومات حول أسعار السلع والبضائع، كما سلطت الدراسة الضوء على رصدالسلع والبضائع في الأسواق العُمانية مع بيان قيمتها النقدية.ومناقشة الدلالات الحضارية (الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية) لأسعار السلع والبضائع، من خلال التعرف على شكل وإطار العلاقات التي ربطت عُمان مع غيرها من الدول والكيانات السياسية، والمكانة الاقتصادية للموانئ العُمانية، وغيرها من الدلالات. ومن المتوقع أن تخرج الدراسة بعدد من النتائج سيتم عرضها بعد الانتهاء من الدراسة.
تجدر الإشارة إلى أن الندوة صاحبها معرض مصغر لعرض نقود إسلامية وأوراق نقدية شارك في تنظيمه كل من متحف بيت قرش، ومركز هواة الطوابع والعملات.