[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]أثارت دراسة بثتها هيئة الإذاعة البريطانية مقتطفات عنها، جدلا واسعا بين المهتمين بعالم تكنولوجيا الاتصالات، حيث تلخصت تلك الدراسة فيما ذهب إليه باحثون بالولايات المتحدة الأميركية من نتائج بأن رموز "الإيموجي" أو الصور التعبيرية المستخدمة في تطبيقات الهواتف النقالة ساعدت مجموعة من العلماء على تدريب أجهزة الكمبيوتر على التعرف على لهجة التهكم في الرسائل النصية. كيفما كانت النتائج مثيرة للجدل أو النقاش، فهي مخرجات ينبغي أن لاتكون مستبعدة او مثيرة للاستغراب، خصوصا بالنسبة للعقلية التي درجت على التفوق في قضاء الأوقات الطويلة في الاستهلاك التقني حتى على حساب العمل كعقلياتنا في المنطقة العربية، كما أنها أيضا ليست مدهشة لمن اعتادوا على معرفة كل ماهو جديد في عالم التكنولوجيا يوما بعد يوم مشاركين في الإبداع والابتكار أكثر من كونهم مستهلكين فقط. وفيما أصبح "الإيموجي" معروفا للجميع في عالم ساده إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقصد به أي – الإيموجي - الصور الرمزية والوجوه الضاحكة أو العابسة أو ذات الدموع الذارفة وغيرها من الوجوه والصور المستخدمة في كتابة الرسائل الالكترونية خصوصا على الهواتف النقالة واللوحية، إلا أن تلك الرموز حسب المتابعين مازالت غير قادرة عمليا على محاكاة المشاعر الإنسانية بكل صدق. وحتى قبل الدراسة، بل وبعدها، مازال المتواصلون المكثرين في استخدام الإيموجي كثيراً مايشعرون بالإحباط والاقتناع بأن الإيموجي لم ينجح في إيصال مايرغبون في توصيله من مشاعر وأحاسيس إلى الطرف الآخر، في حين يمكنهم التلاقي والتواصل الصوتي من عكس وتصوير تلك المشاعر بشكل أفضل وأقوى تأثيراً وتفاعلا . وبهذا ارتفعت أصوات الاجتماعيين مبينين بأن الاعتماد على الإيموجي ربما يسهم على المدى البعيد في خلق صور مشوهة من العلاقات الاجتماعية بشكل يخشى أن تصل فيه تلك العلاقات إلى مرحلة توصف بأنها "علاقات ميكانيكية آلية "بين عوالم افتراضية، وليست علاقات إنسانية بين البشر، وبالتالي تهدد مفاهيم كانت طوال العصور الماضية مكوناً أساسيا من مكونات ثقافة التفاعل الإنساني ومنها على سبيل المثال"الحب" ، و"الكراهية "، والضحكة الصادقة "، و"الابتسامة المعبرة " بل و" الابتسامة الصفراء"التي يتوقع أن تسود عمليا في عالم " الإيموجي". أما السياسيون، الذين شكلوا في الواقع محور اهتمام الدراسة الأميركية موضوع الجدل والنقاش، فقد هدفوا من دراستهم تدريب أجهزة الكمبيوتر من أجل التعرف على لهجة التهكم في الرسائل النصية ومايمكن أن تحمله من دلالات تشير إلى الكراهية أو التهكم أوغير ذلك من المفاهيم غير المحمودة في علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، والتي كثيرا ما تؤدي إلى نشوب الصراعات المناقضة لما ينبغي أن تكون عليه الإنسانية من تسامح وتعاطف وسمو عاطفي. وعليه، ورغم أن الدراسة الأميركية ذات البعد السياسي الاجتماعي اعتمدت في عينتها البحثية على مليار ومئتين مليون تغريدة على تويتر تحتوي كل تغريدة منها على إيموجي واحد أي رمز تعبيري واحد، مستخدمين في ذلك نظام خواريزم للحلول الحسابية من أجل التنبؤ بمستوى التهكم في رسائل التغريدات وغيرها، إلا أن المنطق العقلاني يؤكد دائما على أن تفسير الإيموجي أو الرموز التعبيرية هو دائما أمر نسبي يتوقف على التركيبة النفسية والثقافية للمتلقي أكثر منه على المرسل.ولذلك وفي تقديرينا لاينبغي تحميل استخدام رموز الإيموجي أكثر مما تحتمل، في حيث يجب أن ينحصر القلق فقط على مدى مقدرة تلك الرموز التعبيرية على محاكاة المشاعر الإنسانية بوضوح وبنسبة أقرب إلى ما يتركه التواصل المباشر وجها لوجه .