السبت 23 نوفمبر 2024 م - 21 جمادى الأولى 1446 هـ

نبض طبيب : 54 عاما من الحكمة والثقة والبناء

نبض طبيب : 54 عاما من الحكمة والثقة والبناء
الأحد - 17 نوفمبر 2024 02:53 م

د. رقية بنت إسماعيل الظاهرية

80


‏ ‎تحتفلُ اليوم سلطنةُ عُمانَ بالعيدِ الوطني الرَّابع والخمسين المَجيد، وهي تتطلَّعُ إلى مستقبلٍ مُتجدِّد في ظلِّ القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي تولَّى مقاليدَ الحُكم في البلاد منذُ عام 2020 لِيمضيَ بعُمانَ وشَعبها الأبِّي نَحْوَ مرحلةٍ من التَّغييرِ النَّوعي، متبنِّيًا رؤيةً تواكبُ متطلَّباتِ العصرِ الحديث، بحكمةٍ ورؤيةٍ سديدة مؤمِنةٍ بضرورةِ التَّغيير المُنسجمِ مع الأصالة العُمانيَّة، عَبْرَ مرتكزاتٍ وطنيَّة واستراتيجيَّةٍ طموحة متمثلةٍ برؤية «عُمان 2040»، الَّتي تهدفُ إلى تنميةٍ شاملةٍ ومستدامة تستجيب لطموحاتِ الشَّعب العُماني.

‏‎لقد شهدتْ عُمان في هذا العهدِ المُتجدِّد تطوُّرًا غير مسبوقٍ في توسيعِ فضاءاتِ حُريَّةِ التَّعبير، وتفعيلِ قنواتِ التَّواصُل المُجتمعي لِتَسهيلِ الحوارِ بَيْنَ الحكومةِ والمواطنين، عَبْرَ حوارٍ مفتوح يتقبَّلُ الرَّأيَ والرَّأي الآخر، خصوصًا إذا تعلَّقَ الأمْرُ بالتَّطويرِ والاستماعِ إلى الأفكار البنَّاءة. ومن خلال الوسائلِ الإعلاميَّة، والمنصَّاتِ الرَّقميَّةِ الحديثة، يُعربُ المواطنون عن آرائهم بكُلِّ حُريَّة من خلال متابعةِ تطوُّراتِ القرارات الَّتي تلامسُ حياتَهم. وبخطواتٍ واثقة نَحْوَ مُجتمعٍ قائم على الشَّفافيَّة، تمَّ تفعيلُ المنصَّاتِ الحكوميَّة لِتَسهيلِ الحصولِ على المعلومات وإيصالِ صوتِ المواطن إلى صانعِ القرار؛ تعزيزًا لجسورِ الثِّقة المتبادلة.

‏‎ومن بَيْنِ المبادراتِ الَّتي تبنَّتها الحكومةُ لفسحِ مزيدٍ من مجالاتِ الحوار، جاءت منصَّة «عين» الَّتي أطلقَتْها وزارةُ الإعلام عام 2021، كأوَّلِ منصَّةٍ تفاعليَّة تستوعبُ تطلُّعاتِ المواطنين وتفسحُ المجالَ أمام المُبدعِين لصنعِ محتوى يعكسُ أفكارَهم وآراءهم، هذه الخطوة تبرزُ اهتمامَ سلطنةِ عُمانَ بتوظيفِ الإعلام الرَّقمي كوسيلةٍ لخلْقِ حوارٍ متكاملٍ بَيْنَ الحكومةِ والشَّعب. وتأكيدًا على الانفتاحِ والاستفادةِ من وسائلِ التَّواصُلِ الحديثة لتقليصِ المسافات وبناء مُجتمعٍ منفتحٍ وقوي.

‏‎كما أطلقَتْ سلطنةُ عُمانَ حمْلةَ «معًا نتقدَّم» عام 2023 لتعزيزِ الشَّراكةِ المُجتمعيَّة، حيث أتاحتِ الفرصةَ لكافَّة فئاتِ المُجتمع للمشاركةِ في طرحِ رؤاهم واقتراحاتهم لدعمِ مَسيرةِ البناء والتَّطوير. هذا النَّموذجُ من الانفتاحِ يعكسُ رؤيةً عصريَّة في تحقيقِ مبدأ التَّشاركيَّة، ويُعزِّزُ من مفهومِ الوطنِ الواحد المتلاحم، حيث يشعُر كُلُّ مواطنٍ بمدَى تأثير صوتِه في القراراتِ الحكوميَّة.

‏‎وفي إطارِ تعزيزِ التَّحوُّل الرَّقمي، جاءتْ منصَّةُ «استثمر في عُمان» خطوةً تعكسُ التزامَ الحكومةِ بتسهيلِ الوصولِ إلى المعلوماتِ والشَّفافيَّة مع المستثمرين، ممَّا يُعزِّزُ بيئةً اقتصاديَّةً منفتحة تعكسُ الرُّؤية الطَّموحة للسَّلطنةِ المنفتحة على الاستثمارِ والمستثمِرِين، وبما يخدمُ عجلةَ التَّنميةِ الاقتصاديَّة للبلاد، السَّاعيةِ إلى تعزيزِ التَّنوُّعِ الاقتصادي الرَّامي إلى توفيرِ مزيدٍ من الاستثماراتِ الصَّانعةِ لفرصِ العمل.

إنَّ ‎رؤيةَ «عُمان 2040» لا تكتفي بتحقيقِ الأهدافِ الاقتصاديَّةِ والتنمويَّة فحسب، بل تجعلُ من قِيَم الانفتاحِ وحُريَّةِ التَّعبير ركائز أساسيَّة لمُجتمعٍ مَدَني متفاعل وواعٍ، حيث يتمتَّع المواطنون، وخصوصًا الشَّباب، بفرصِ المشاركةِ في رسمِ ملامحِ مستقبلِ عُمان من خلال جلساتٍ حواريَّة مفتوحة على امتدادِ رُبوع عُمان من أقصاها إلى أقصاها، ما يُعزِّزُ رُوحَ الانتماءِ ويجسِّد الحكمةَ العُمانيَّة في احتضانِ الرُّؤى المُتنوِّعة بثقافتها.

‏‎إنَّ جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ أعزَّه الله ـ يَقُودُ عُمانَ بخطواتٍ ثابتةٍ نَحْوَ المستقبل، برُؤيةٍ عصريَّة وحديثةٍ لِتَعزيزِ حُريَّةِ التَّعبيرِ والانفتاحِ المُجتمعي، مع الحفاظِ على الثَّوابتِ الوطنيَّة الَّتي تُميِّزُ الهُوِيَّةَ العُمانيَّة، وبهذا التَّنوُّعِ والإرثِ الثَّقافي الضَّاربِ في التَّاريخ تتشكَّل السِّياسةُ العصريَّة بنهجٍ عصريٍّ يُعزِّز الوحدة الوطنيَّة، ويجعلُ من عُمان نموذجًا يُحتذى به في الجمعِ بَيْنَ الأصالةِ والانفتاحِ على متطلَّبات العصر، ملتزمًا بقِيَمِها وهُوِيَّتها الأصيلة.

وبصُدورِ المرسوم السُّلطاني رقم (58/2024) بإصدارِ قانونِ الإعلام، يكُونُ الإعلامُ العُماني أمامَ مرحلةٍ جديدة من التَّنظيمِ والتَّحديث، وضمان رسالةٍ إعلاميَّة تُلبِّي احتياجاتِ المرحلة، وتُعطي مزيدًا من الثِّقةِ في العملِ الإعلامي المَبني على تسخيرِ المساحاتِ الإعلاميَّة من أجْلِ عُمانَ أوَّلًا وسُمعتِها وديمومةِ عجلةِ التَّنميةِ فيها .

‏‎باختصار، يقفُ الشَّعبُ العُماني اليوم أمام مرحلةٍ جديدةٍ من التَّنمية المُتجدِّدة، حيث يُسهمُ كُلُّ مواطن في صياغةِ مستقبلِ عُمان، وتترسَّخ الوحدةُ الوطنيَّة في إطارٍ من الانفتاحِ والحُريَّة، ممَّا يُعزِّزُ مكانةَ سلطنة عُمان كدَولةٍ حديثة تسعَى إلى التَّطوُّرِ بمُرونة، وتؤكِّدُ على أنَّ عُمانَ بقيادةِ جلالة السُّلطان هيثم تَسيرُ نَحْوَ المستقبلِ بثقةٍ وإيمان.

د. رقية بنت إسماعيل الظاهرية

طبيبة وكاتبة عمانية